قصة حياة الفنان فه بن سعيد كامله (وحيد الجزيرة)

فهد بن سعيد (1360-1424ه) -رحمه الله-وقبل اعتزاله،يعتبر من أهم الأسماء في تاريخ الأغنية الكلاسيكية السعودية

.. امتد تاريخه سنوات كثيرة منّذ ان دخل الفن عن طريق عبدالله السلوم وسليمان بن حاذور عام (1959م)، حياته وطفولته استثنائية، لكنها صنعت منه فنا جميلا مارس نغم الحرمان والوحدة في معظم أغانية حتى أصبح ماهرا في عزف العّود وقدم فكره واختراعه في العزف وفي صناعة التوليف الجزئي لأوتار العود.

دائما ما يقول باني أول من عزف العود على (الشرارة) ويقصد بها الوتر السادس في السعودية، فهد بن سعيد المعتزل عن الفن قبل وفاته بسنوات (رحمه الله)، (وحيد الجزيرة) لقب استعارة من عبدالله السلوم المعلم الأول له قبل بعد بزوغ نجمه في عالم الفن السعودي والخليجي حينما كان يلقب (فتى الوادي)، ألهم القلوب بسحر أغانيه ومخزونه التراثي العميق، ان الابحار في مسيرة ابن سعيد تحتاج حلقات للبحث عن خفايا حياته والتدقيق عن فيما قدمه من إبداع شعبي نال منه حب الجماهير.
الطفولة والوحدة
عبدالله بن سعيد الدوسري الأب لفهد كان مقيماً في القصيم آن ذاك للاستفادة من التجارة بأنواعها وقربه أيضا لجدته الوحيدة، وبعد وفات أبيه وهو صغير انتقل مع والدته من (آل السيف) من الخرج إلى الرياض، لتتغير حياته بشكل استثنائي، قال في أحد الحوارات المسجلة شخصياً: (بان والده كان شديداً عليه وبعد وفاة والدته عاش وحيداً تائها تتلقفه صحاري وبيوت نجد وهَجِيرُهَا.؟!.)، أب وأم وأعمام وخوال وأجداد وإلى آخره من الأسرة، يفتقدهم في حياته حتى إخوته لا يعرفهم، ظل وحيداً شاعرا مطربا حزينا صنعته الوحدة والضياع وظروف الحياة.
في عمر الثامنة يغني منفرداً مع الأسطوانات، ولكن استهزاء أصحابه أتى برد فعل عكسي وهي الاستمرارية لينتقل إلى عالم النجومية والإبداع بعد سنوات.
لماذا (فهد بن سعيد)
فهد بن عبدالله بن سعيد الدوسري، قال: (إني أخترت اسم فهد بن سعيد ليكون بعيداً عن اسمي) وبحجة (العادات والتقاليد) التي كادت ان تقتل موهبته، رفضت والدته ان يمارس الفن باسمه الحقيقي واحترام ذلك الرأي بعد وفاتها، لكنه استخدم فهد بن سعيد او لقب (فتى الوادي) المدلل في اسطواناته الأولى ثم بعد ذلك (وحيد الجزيرة).
كان يوجس الرعب من أبيه حتى وان كان بعيداً عنه (لكنها الطفولة)، فهد لم يكن قريبا لأخته التي يزورها بين فترات متباعدة وأخ من أمه أسمه عبدالوهاب توفي في بداية الثمانينات وشقيق توفي صغيراً بعد وفات والديه.
أول عود في حياته
بعد وفاة أمه- عزف على (السمسمية) لكنه أغرم بآلة (العود) بعدما سمع مجموعة من الشباب يعزفون عليه في (رُوَشن) أحد المنازل عندما كان يعمل في نخل تابع لهم، هنا بدأ يزور ذلك المنزل ليستمع إلى العود الذي داعب إحساسه، عندها جمع مالا من عمله في النخل قبل ان يذهب لشراء (العّود) من الطائف في رحلة برية لمدة (خمسة أيام) وهو في سن (13عاما)، بعد سنوات عاد لذلك المنزل ليسمعهم (عزفه) وكان من بينهم فهد جابر الذي كان يعمل في أمارة مدينة الرياض- قسم المالية، حينها نقله إلى مجلس الشاعر سليمان بن حاذور في (حوطه خالد) بوسط الرياض وعرفه على عبدالله السلوم في (العجلية) بالرياض، فاتخذ من فرقتهم مرتكزاً هاماً لإبداعه الغنائي حتى أصبح صورةً جميلة لصوت عبدالله السلوم (أبو وحيد) أو (وحيد الجزيرة) الذي سمح لفهد أن يتقلد لقب (وحيد الجزيرة) حبا وتنبؤا له.
معاناة فهد بن سعيد وهو صغير خلدت اسماً رائعاً ومبدعاً لا يتكرر محتكراً الجديد في عالم الغناء والموسيقى والعزف، حتى قال: (ان حياتي في الطفولة كانت مرتبطة مع الفوضى والضياع)، ولان والده كان بعيداً في منطقة القصيم قبل وفاته فان فهد أمتهن بعض الحرف اليدوية ليعيل أمه قبل وفاتها (1953م).
ولد فهد بن سعيد في العام في (1360ه /1939م) المسجل في التابعية، حيث ان في تلك الأعوام لم يكن ذكر التواريخ شاهداً لهم حسب ما يعتقدون.!!.كانت حياته مليئة بالفوضى والترحال لكنها كانت تعطيه مداداً للإبداع والطرب، الحزن غَلُبَ عليه فحياته كانت فواصل من الدراما التراجيدية التي ترافقه منّذ كان صغيراً، لذا سيطرت على معظم أغانيه حيث كانت هي الإفراز الدائم والمسيطر عليه حسياً، لكن المداد الاهم والغذاء الروحي استلهمه ابن سعيد بحس راق في الكلاسيك، بعدما ايقن في منزل سليمان بن حاذور ب (حوطه خالد) وسط الرياض، انه المركز الأهم لإبداعه الشعري وتدوينه على السامر وكذلك هي مدرسة السلومَ الغنائية، هي كانت تلك الاجتماعات الثقافية التي أفرزت اسطوانته الاولى.
المثل في الفن والأساتذة
كان دائما يقر بما يقدمه الأستاذ عبدالله السلوم من دعم فني وألحان دون مقابل حتى قال: (انه المعلم الأول في نجد وهو الذي كان ينوط لي الأغاني وهو من أعطاني لقب (وحيد الجزيرة بعدما كان لقبه)، كما هو الحال للفنان أبو سعود الحمادي المثقف بينهم وكذلك (العازف الماهر) صليح الفرج (رحمهم الله) الذي عزف لابن سعيد أغنية (ياصاحبي ما بالمحبة) و(يا عاذل المبلي) ورافقه أبن سعيد على الكمان حينها وهو يغني، لكنه تأثر سماعياً بسالم الحويل وسلامة العبدالله في بداياتهما الفنية، يقول: (ان الفن الشعبي هو الأصل في السعودية ويجب ان نحارب من اجل بقائه، وان التطوير ليس بوضع الكوبليهات إنما بنقلها من مرحلة إلى أخرى)، هو الذي احتفظ بقالبه المميز (الفن الشعبي) وقال: (انه امتداد للتراث وهو يُردَد من مئات السنين، فيجب علينا إبرازه).
الأسطوانة (لم تنجح)
اعتزازه دائما بالشاعر سليمان بن حاذور الذي تعلم منه أصول السامر وتغنى بأكثر من (40) قصيدة له، يقول ابن سعيد: (ان لدى ابن حاذورسرحمه اللهسأكثر من أربعين جلسة لي لم تر النور)، في البداية سجل أول اسطوانة وهو (صغير) بعد وضوح بصوته في أغنية (زمة نهت والعيون السود) (1959م) .لابن حاذور ولم تنجح وتلتها أكثر من ست اسطوانات هي أيضا من كلمات ابن حاذور لكنها لم تنجح.
محاولة اليأس
يعتبرها فهد بن سعيد المحاولة الأخيرة بعد فشل أكثر من ( 6اسطوانات)، فقدم اسطوانة (فكرت والمكتوب) (1964م)، سامرية من كلمات سليمان بن حاذور وقدمها على أكمل وجه كما يقول بعد ان أخذ الدور كاملا ونضج صوته واكتمل، وقد تواجد معه أثناء التسجيل الفنان منصور العجيبان، حيث طبعت ب (5000) اسطوانة، وبيعت كل اسطوانة ب (30) ريالا لدى (اسود فون)، واستمرت طباعتها إلى ان دخل كاسيت المكسيل عام (1971م).
لبنان- (ليه الزعل)
سافر فهد بن سعيد إلى جمهورية لبنان في العام (1966م)، وتعتبر السفرة الأولى في حياة ابن سعيد خارج الوطن وسجل حينها مجموعة أغان منها (خل الزعل) للشاعر فهد ابن علوش و (عيت عيوني) للشاعر سعد بن دحيم مع الفرقة اللبنانية بقيادة عبود عبدالعال، ونجحت تلك الاسطوانة كثيراً.
ما بعد لبنان
اسطوانة (خلاص من حبكم) للشاعر محمد الجنوبي وألحان عبدالله السلوم، ونجحت حتى وصلت عربياً، ثم تبعها بجلسة تسمى جلسة السلوم وهي على عدة اسطوانات لدى (إبراهيم العجيان) والتي ضمت العديد من الأغاني الشهيرة منها (عشرة سنين) للشاعر ناصر بن درعان و (ياعيون الشقاوي) و(خلوني ابكي) و(لأجل الله) و(سهرت الليل ياليلي) و(مخطور) للشاعر سعد بن دحيم وغيرها وهي من ألحان عبدالله السلوم الذي رافقه بعزف الكمان، وكانت تلك الاسطوانات هي التأكيد على السيطرة الكاملة على سوق الاسطوانات مبعداً كل الفنانين.
شعراء مرحلة الاسطوانات
من علمه اصول السامري سليمان بن حاذور ولازمه كثيراَ، ثم سعد بن فهد دحيم ابن شاعر الملك عبدالعزيز (رحمهم الله) وقدم مجموعة كبيرة من الاغاني منها (شفت ياناس زول) و(عافت النوم عيني) و(ومخطور) و(حسيبك زمانك)، أيضا الشاعر (المشتاق) محمد بن ضاحي العتيبي ولازم ابن سيعيد منّذ ان كان في (20عاما) وقدم مجموعة كبيرة منها: (الا واعذابي)، (كلنا لك)، (الا ياربيع العمر)، (الا يامن لقلب)، الشاعر محمد بن ناصر (المختار) يقول عنه ابن سعيد: (انه متمكن ولا ينسى) وقدم له العديد من الاغاني منها (الا يالله)، (صابني في زماني)، (ياهلي والقلب)، (ياناس خلوني)، وكذلك الشاعر ناصر بن شنار قدم اغاني عديدة منها (ياليت بعض العرب).
في الحلقة القادمة- وساطته لبشير شنان ودخوله عالم الفن ومدرسة السلوم وبداية سرقات الأغاني، وتوليه منصب رئيس جمعية الثقافة والفنون بالشارقة وتوظيفه برتبة وكيل رقيب في فرقة الجيش القطري.. تجدونها في المرحلة الثانية لفهد بن سعيد عبر (مساحة زمنية).
فهد بن سعيد (1360-1424ه) – رحمه الله- وقبل اعتزاله، يعتبر من أهم الأسماء في تاريخ الأغنية الكلاسيكية السعودية.. امتد تاريخه سنوات كثيرة منّذ ان دخل الفن عن طريق عبدالله السلوم وسليمان بن حاذور عام (1959م)، حياته وطفولته استثنائية، لكنها صنعت منه فنا رائداً مارس نغم الحرمان والوحدة في معظم أغانيه حتى أصبح ماهرا في عزف العّود وقدم فكر واختراع في العزف وفي صناعة التوليف الجزئي لأوتار العود.
تستمر حياته الفنية وتجوله في وطن الخليج،عاد بعد سنوات فكان العود أحمد فهد بن سعيد المعتزل عن الفن قبل وفاته بسنوات (رحمه الله)، ألهم القلوب بسحر أغانيه ومخزونه التراثي العميق، ان الابحار في مسيرة ابن سعيد تحتاج حلقات للبحث عن خفايا حياته والتدقيق عن فيما قدمه من إبداع كلاسيكي نال منه حب الجماهير، خلال متابعتي لبعض الأشرطة التي تركها تتحدث عن حياته وبداياته-كونت شخصيته طيبته ذكر اسم الله الدائم في كل شيء قبل اعتزاله، سجلت بشكل عفوي وغير واضح إلا ان الشاعر فياض منصور وبخبرته عبر الأجهزة الالكترونية استطاع توضيح معالمها- فهد بن سعيد الجزء الثاني.
تغيير في اللون:
بعد نجاحه في عدد من الاسطوانات السامرية، ذهب الشاعر سعد بن دَحَيم لتقديم مشورة إلى ابن سعيد وهي ان يغير هذا اللون الذي قد يمله الناس، لذا اتفق الاثنان على ان يقدما اسطوانة جديدة لحسابهما الخاص بدلا من قبض مئات الريالات وسلب جهدهما، التقيا في (قبو) عبد العزيز (فون) في شارع الريس بالرياض عام (1967م) وسجل أغنية (على الوعّد وعافت النوم) وتم إرسالها لليونان، وبعد فتره عادت البروفة (السنبلة) وسمعاها سويا لكن عبد العزيز فون قال لهم إنها غير (صافية)، لكن سوف أعطيكم (2000) ريال وأطبع على حظي. فهد بن سعيد رضي بالأمر وبعد توزيعها وجدت أصداء كبيرة وتوزيع أعلى بعد (فكرت)، لذا بدءا يغير ذلك اللون، فقدم في العام (1967م) اسطوانة (ياليت بعض العرب) كلمات ناصر بن شنار وعازف كمان صليح الفرج وإيقاع فرج الطلال، وتبعها بأكثر من ثلاثين اسطوانة في العام (1969م) منها (ياحسرتي والا يأهل الهوى).
اسطوانة (التحدي)
– أطلق أغنية (خلا ص من حبكم) كلمات محمد الجنوبي والحان عبدالله السلوم وسجلت على اسطوانه عند إبراهيم العجيان (التلفون) بعنوان التحدي ونجحت بشكل مثير عندها اشتراها (نجدي فون) لتطبع مراراً وتأخذ الاسطوانة الذهبية في العام (1969م) سجل في العام نفسه اسطوانة (ياحسرتي و الاياهل الهوى) مع افراح الجزيرة. التقى بالشاعر راشد بن جعيثن الآتي من المزاحمية حينها، والذي رفض اسم ابن سعيد طالباً فتى الوادي الاسم المشهور في اسطوانة (فكرت)، فعرف من ابن عجيان ان الاسمين لشخص واحد يدعى فهد بن سعيد فقدما حينها في العام (1969م) اغنية (يمين والله يمين) و (هذي مفاتيح حبي) و (نفسي عزيزة) لتوزيعات الجنوب ثم (روح ياخوان) و (ياصاحبي لان الصخر)، يقول ابن سعيد عنه: (إنه يلامس الجروح ويبكيك)، كما قدم مجموعة اغان لشعراء آخرين وهي آخر الاسطوانات ولم تتواجد الا بشكل

(سنبله) ولم تنزل في الاسواق حينها على شكل اسطوانة، هنا بدأ التعاون الفعلي مع ابن جعيثن الذي امتد لسنوات طويلة كان نتاجة أكثر من (200) أغنية على أشرطة الكاسيت. في العام (1970م) سافر ابن سعيد للهفوف متوجهاً لدولة قطر لكنه سجل لمدة يومين مع خالد الحبيصي الابن الأكبر لصاحب الاسطوانات عبد اللطيف (فون) وقدم عدداً من الأغاني منها (ياناس مال للهوا) و (الناس نامو وانا اسهر) (الناس ناموا) الالبوم الذي يعتبر الأنقى صوتا لأعماله، سجل أيضا (أعد ساعات الليالي و ياشقا من تولع) في ذلك العام، في الخرج سجل بجهاز ريل جلسة سمى (المكاين) نسبة الى المكان الذي سجلت فيه مع عبدالعزيز العجيان وقدم (والبارحة ياحبيبي) وغيرها.
وساطته لبشير شنان:
حضر فهد بن سعيد بصحبة بشير شنان لبيت السلوم في العجلية لتقديمه لهم والاستفادة منهم، رغم تلك النزاعات التي تكون بينهما لكن يعودان من جديد لعالم الحب وصلة الرحم- في خضم التنافس رفض ابراهيم العجيان (التلفون) تسجيل أي اسطوانة لبشير لعدم ثقته بنجاحه ولكن بعد ضمان ابن سعيد وافق وسجل (يقول منهو وانا البارحة يوم العرب) ليعزف معه الكمان في الاسطوانة الاولى لبشير، خلاف آخر: (حسيبك زمانك) للشاعر سعد بن دحيم لحنها ابن سعيد وقال له: (أكمل الابيات لاسجلها) لكنه تفاجأ ببشير يغنيها بنفس اللحن وتدوين اسم الشاعر على اللحن، ثم اتت أغنية (ياحسرتي) للسلوم فقدمها ابن سعيد اسطوانة لكن بشير قدمها في الجلسات مستبدلا بعض الكلمات.
هجرة خارج الوطن:
هاجر ابن سعيد لدولة قطر وعمل بها وكيل رقيب في الفرقة الجيش عام (1970م) وتعلم النوطة على عزف (القربة) ولمده عام ثم انتقل إلى الشارقة بدولة الإمارات ليعمل في جمعية الثقافة إلى ان أصبح مديراً لها، وعاد في العام (1975م) ليلتقي مع أصدقائه أمثال أبو سعود والسلوم اخوان وراشد وبن دحيم وغيرهم.
بريدة أول طلة:
حينما عاد من الشارقة يظن أن كل شيء انتهى، لكنه دعي الى حفلة التعاون في بريدة (1975م) ليفاجأ بالجمهور العريض الذي غطى المكان ليغني كل اعماله السابقة منها (عشرة سنين – ناصر بن درعان) و (ماغيرك احد و اشتكي وابكي – راشد بن حعيثن) و (عافت النوم وأعد ساعات الليالي وعلى الوعد – سعد بن دحّيم) و (الا يويل من مثلي- لابن غيث) وغيرها من الاغاني حينها قال: (هو الذي لم اتوقعه هل صحيح الناس مازالت تسمعني.؟) ثم يبكي بعدما تذكر والدته وصديقة بشير شنان ليأتي من يمسح دموعه عازف الأكورديون.
الكويت مشوار جديد:
انطلق في عالم الاشرطة والحفلات والجلسات، سجل في الكويت عند علي القحطاني شريط (لا تسبق الاحداث مافيه داعي-ابن حعيثن وياناس خلوني- (المحتار) محمد بن ناصر القحطاني) وعدداً من الاشرطة من كلمات القحطاني علي وراشد الجعيثن، و (لاجزا الله العواذل) ابن دحيم عام (1976م) في ذلك العام سجل ثلاثة اشرطة.
عندما يتذكر الأحباب:
توجه فهد وحيداً كالعادة إلى منزل يعرفه ليخطب أخت صديقه الذي ابلغهم بذلك (1976م) وعندما طرق باب الدار، اذ بطفل يفتح له الباب واستمر ينتظر من يدخله الا انه تفاجأ بذلك الطفل يقول له (ليس بالمنزل أحد) وهو يعلم ان الجميع كانوا هناك، إنه يوم الخميس الذي فصل فيه حالته النفسية والاجتماعية في اغنية (يوم الخميس العصر مريت الاحباب) .
علاقة النجوم:
عندما سمع طارق عبدالحكيم أغنية (كلنا لك ياحبيبي) قال له: (من اين اتيت بهذا اللحن.؟) وهي قصة كانت في وادي نمار عندما كان مع ابو سعود الحمادي يتنزهان وتغنى حينها بهذا اللحن امام ابو سعود الذي سارع بتسجيله قبل ان يُنسَى ثم نجحت تلك الاغنية، عاد ايضاً ليسمع طارق تقاسيم إنفرادية على العّود ليشد انتباهه ويطلبه في عدد من البرامج ويسجل له مجموعة من الاغاني التي حبست داخل اروقة الاذاعة منّذ العام (1975م) إلى الآن.!!
صداقته مع عبدالله محمد لم تكن الا صداقة المبدعين حينما كان عبدالله في الرياض، يقول عنه: (إن ابن سعيد لن يتكرر)، استمر في التنقل بين الكويت للتسجيل حتى التقى مع عيسى الاحسائي وقال له: (اريد ان اسجل اغنيتك- طيرات الميج) فضحك عيسى ووافق فنجت أيضا مع فهد بن سعيد، وللقحطاني (كل ساعة من حياتك ويالله ياجاعل وصبرنا التي اتت عنوان الشريط)، سجل ايضا الاغنية الدرامية (ياشين بيتي) للشاعر سالم علي الحويطي، بينما علاقته بالفنانين تستمر لكنها تتقطع حيث كان استمر مع الوحدة والفوضى.!!.
انقطاع وبروز في الحفلات:
يقول: (اني انقطعت عن الفن لمدة عام) لكنه عاد في (1981م) مع انغام واوتار في جلسة (طاوعت فيني وشفتك معه وماهقيت ان الغلا) وغيرها في منزل الايقاعي (عبيد عواد) في سلطانه بالرياض وتصدر المبيعات في ذلك الوقت، استمر في الجلسات والحفلات بنجاح. في حفلات الأمانة التي أقيمت في صالات الدرعية بالرياض (1985م) توقع هو ان يكون من ضمن الفنانين المدعوين لكنه لم يدعى، وارجع السبب حينها إلى جمعية الثقافة التي هي بالاساس لم تقدم له الدعوى سابقاً، قال: (لم أكن أتوقع بعد هذا المشوار ان لا ادعى في حفل الامانة.؟).
رئيس نادي النصر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) طلب من ابن سعيد الغناء في حفلة نادي النصر في العام (1406ه) وهو الذي غص بالجماهير، نجحت تلك الحفلة، فتوالت الدعوات من كل الاندية ونجح مع حمد الطيار في حفل الشعلة بالخرج والطائي وغيرها، سجل موقفاً فنياً بالغناء لكل المدن والقرى وكل الاندية وقبلها قدم انشودة (هبت جيوش العروبة) ابان الغزو الثلاثي من الحان ابو سعود الحمادي.
فهد بن سعيد (1360-1424ه) – رحمه الله- وقبل اعتزاله، يعتبر من أهم الأسماء في تاريخ الأغنية الكلاسيكية السعودية. . امتد تاريخه سنوات كثيرة منذ ان دخل الفن عن طريق عبدالله السلوم وسليمان بن حاذور عام (1959م)، حياته وطفولته استثنائية، لكنها صنعت منه فنا رائداً مارس نغم الحرمان والوحدة في معظم أغانية حتى أصبح ماهرا في عزف العود وقدم فكرا واختراعا في العزف وفي صناعة التوليف الجزئي لأوتار العود.
تستمر حياته الفنية وتجوله في وطن الخليج، عاد بعد سنوات فكان العود أحمد فهد بن سعيد المعتزل عن الفن قبل وفاته بسنوات (رحمه الله)، ألهم القلوب بسحر أغانيه ومخزونه التراثي العميق، ان الابحار في مسيرة ابن سعيد تحتاج حلقات للبحث عن خفايا حياته والتدقيق فيما قدمه من إبداع كلاسيكي نال محبة الجمهور، خلال متابعتي لبعض الأشرطة التي تركها تتحدث عن حياته وبداياته-كونت شخصيته طيبته ذكر اسم الله الدائم في كل شيء قبل اعتزاله واتجاهه للمواعظ الدينية- فهد بن سعيد الجزء الأخير.
حفلات متوالية
تمرد فهد بن سعيد على نفسه ليصنع تاريخاً فنياً يردد مستقبلاً حتى وان تناوش الغالب من الفنانين الحانه وممتلكاته الفكرية، قبل حفل نادي النصر الذي تغني فيه (حيوا معاي النصر)قدم قبل ذلك حفل نادي الرياض-غرب المربع (1983م)والذي امتلأت ساحاته بالجماهير، ولم تنم العاصمة في تلك الليلة، ثم زاول نشاطه في الجلسات وبعد حفل النصر ذهب لمحافظة الخرج بداية (1987م) ليختتم حفلة الكوكب مع رابح صقر وعبدالرب ادريس وعبدالمجيد عبدالله، وقد تفاجأ الفنانون في تلك الحفلة بجماهيرية ابن سعيد التي تطالب باسمه.

فهد بن سعيد وراشد بن جعيثن
قبل ذلك
فهد بن سعيد استغل قدراته كشاعر ليقتنص أفضل القصائد من مجموعة كبيرة من الشعراء، لتوظف بصوته ويعطيها تصويراً غنائياً لايكرر في الاداء، وفي متوسط الستينات الميلادية من القرن الماضي عزف على الوتر السادس كأول فنان يتناول هذا الوتر في السعودية ليبهر الاخرين من الفنانين، لكنه لم يتوقف عند ذلك بل مارس هوايته كعازف مارس نغم الحرمان والوحدة على آلته، قالوا عنه: (ابن سعيد قدم ابتكارات جزئية في توليف العود، لم يعزف عليها الا النوادر من الفنانين)، وهذه التوليفة اتخذت من آلته المحببة رونقاً وصوتاً مابين (القيثار والبزق) ليعطي (الدو – الصول)جوابا في مكانهما، ويخلف الدوزان الطبيعي في القرار (الري – الا – الصول)ليكونا (فا- دو- سي)باضافة الوتر السادس جواب ليكون (فا). هي من ضمن إحدى الميزات التي قدمها (وحيد الجزيرة)، عندما سمعه الفنان عبدالله محمد والموسقار طارق عبدالحكيم في اغنية (قطعت حبل الود)بعدما اوصل (الشريط) الشاعر راشد بن جعيثن لجمعية الثقافة والفنون في العام (1975م)قالوا حينها: (هل معه آلة أخرى)فقال راشد: (لا – هو الوتر السادس)فقال طارق: (من الصعب ان يعيد هذه الأغنية تارة أخرى) – والمقصود بالسادس هو الوتر الإضافي والتوليفة المبتكرة من ابن سعيد .
أغنية لم يعدها مرة أخرى
في العام (1969م)قدم أغنيته الرائعة (نهاية حبكم يازين)المكبلهة والفريدة بالصولوهات، لكنه لم يعاود عزفها او غناءها وبعد مضي (40عاما)لم يأت احد ليقدمها، كما قال ابن سعيد: (هذه الاغنية سريعة ويوجد بها صولوهات مختلفة وكوبليهات ويحتاج عازفها ان يكون ماهراً).
يراهن دائماً على الشعراء والعازفين:
ذاكرة فهد بن سعيد (رحمه الله)ممتلئة بالأصدقاء ومن شاركوه في نهضة اعتلاء الهرم الفني في الستينات والسبعينات، منهم الشاعر سليمان بن حاذور والايقاعي عبادي الطلاسي وسلمان الشدوخي ومبارك النزهان ومساعد الباني الذي شاركة في اغنية (سود الليالي فرقت)إذ يقول عنه: (إنه ظلم إلى الأبد) كما هو الحال للشاعرمحمد بن ناصر السويلم الذي تغنى بشعره كثير من الفنانين مثل طارق عبدالحكيم وسالم الحويل وسلامه وطلال ومحمد عبده ومن ضمنهم ابن سعيد في اغنية (ياصاحبي مافي المحبة تخفي) و(ياهل الهوى) و(ياحسرتي) وغيرها، لكن رفيق المرحلة الثانية من حياة ابن سعيد الشاعر يبقى راشد بن جعيثن الذي استمر معه حتى قبل وفاته بساعات .
جمعية الثقافة – جدة
يقول عبدالله بن سلوم: (تفاجأت بشخص يدخل عليّ المكتب ويحتضنني ولم اتعرف عليه الا بعد ثوان- فاذا به فهد بن سعيد)ليقول: (من شهرين وانا ابحث عنك في جدة وكانت جمعية الثقافة هي آخر مشواري للبحث عنك)فضممنا بعض واخذنا نبكي على اكتاف بعض- فانطلقنا الى البيت لتسرح بنا الذكريات والضحك والبكاء في آن واحد. . !!
يقول ابو وحيد عبدالله بن سلوم: (قبل وفاته بيومين حادثني بالهاتف وقال اني اشتاق الى رؤيتك-لكنها الاقدار ذهبت به بعيداً)
سجن واعتزال وتوبة
دخل فهد بن سعيد السجن عام (1407ه)وكان سبباً رئيسياً في إعلان اعتزاله قبل الخروج منه في (29/شعبان/1412ه)، وساهم أصدقاؤه كالشيخ سعد البريك والشيخ المحمود واللاعب السابق عبادي الهذول ومشاري العويران والشاعر راشد بن جعيثن في ان يعمل في تسجيلات اسلامية، تزوج لكنه لم يوفق، واصبح السؤال عنه يزداد يوما بعد يوم، لكنه امتهن الدعوة واهتدى على يديه أكثر محبيه، ولكن بعض رفقاء السوء ظلوا يطاردونه حتى عجز عن هدايتهم، وبالتالي وضع حداً للذهاب الى بريدة ليعمل حارساً في مدرسة براتب (1600ريال)ويتزوج من أم عبدالله – لكن الشائعات مازالت تطارده حتى انها قطعت عليه مد العون من المقتدرين لكنه ظل صابراً متمسكاً.
الكويت تارة أخرى
ذهب للكويت ليبحث عن رزق لعله ينعش معيشته، هناك عرف الجمهور عن تواجد ابن سعيد وتسلطت عليه إحدى شركات الانتاج لتسجيل مجموعة من الاغاني وبعد اتصاله على زوجته اخبرته انها حامل وعاد الى بريدة تاركاً البحث عن وظيفة أخرى ليستقر مع زوجته التي ينتظر منها طفلاً وتتبدل حياة الضياع ويرزق بأربعة (عبدالله وخالد وفاطمة ونورة)، بعدما رفض عدة عروض غنائية وهو ما أكده المقربون منه، إذ قيل انه وصل العرض إلى مليوني ريال مقابل التنازل عن كل أعماله السابقة أو مليون للتلحين فقط، إذ قال للوسيط: (لو دخل الإيمان قلبك لما كنت تعيد هذا)وقال: (إن ماعند الله خير وابقى)بعد اعتزاله سارع المرتزقة للعيش من خلفه بإصدار بعض الأشرطة التي سجلت قديماً ولم تذع او تدخل سوق الكاسيت سابقاً.
لحظات الصمود
يردد دائما- بصراحة ان صمودي هذا اتى من شقين الاول ان مرحلة السن ففي اعتقادي ان الفنان الاربعيني (يودي)مشاعر مزيفة، والاخرى: (لو عدت الى الفن ربما تحدث أمور لا تحمد عقباها لانها ستفتح علي ابواب الجحيم)وقال: (سبق وان مررت بهذا الموقف الذي كاد ان يؤدي بحياتي، عندها نظرت إلى اطفالي وهم يبكون وتأثرت تأثراً بالغاً، وهو ما جعلني ازداد قناعة في تحريم لمس العود والغناء- والله من اعانني على ذلك)
مات قبل ان يموت
بعد اعتزاله واستقراره في بريدة لسنوات، اتصل على زملاؤه والكثير من أصدقائه يوم السبت منهم ابن جعيثن أي قبل وفاته بيوم (مايو-2003م) ليقول كلاما عامياً: (تصدق ياراشد اني مت أمس وانا في الصلاة، والحين اتصلت عليك يمكن ما اشوفك ثانية قلت اسلم عليك)، وقبلها كان حديثه مع ابن سلوم وغيرهم من الاصدقاء، اتجه قبل ذلك الى حفظ القرآن وقال له أبن حعيثن: (هناك من أمر لك بسيارة ولكن بشرط ان تحفظ سورة يوسف وتسجلها على شريط كاسيت، وكان بين فترة واخرى يتلو ما حفظه، ولكن في ايامه الاخيرة كان يقرأ سورة الكهف ويرددها.
زوجته أم عبدالله
فهد بن عبدالله بن سعيد الدوسري (1360-1424ه) عاش مع الوحدة والفوضى، وانتقل للاستقرار ومات مع الروحانية، تقول زوجته: (لم ينم تلك اليلة، في صباح الأحد أفطر من التمر وقال: (أظن أني سأغادر إلى الآخرة. وتفرغ للصلاة ولم يترك التسبيح والتهليل حتى ذهب ليغتسل للصلاة، بل لم يعد يتحدث مع أحد وكان جل انشغاله بقراءة بعض الآيات والتسبيح، قمنا بنقله إلى المستشفى وكان يرفع صوته بالتسبيح وطلب الثبات والاستغفار مما جعلني أنهار ولم أتمالك نفسي إلا بالبكاء)، تقول: (وصلنا إلى المستشفى ليلفظ أنفاسه قبل الدخول). شيعت جنازته بشكل استثنائي وسابقة لم يتعود عليها السعوديون بآلاف من المحبين في فنه واعتزاله – رحم الله فهد بن سعيد.
انه جزء بسيط عن حياته بشقيها الفني والاجتماعي والديني وهي التي خلفت إرثا عظيما وأرضا خصبة يقتات منه الفنانون (ماضيا وحاضرا ومستقبلا).
أولويات أسطورة فهد بن سعيد.!
لم تكن أشرطة الكاسيت التي ظهرت محليا الا حدا فاصلا في تقديم الاغاني في العام (1970م) رغم انها ظهرت عالميا وعربيا في العام (1969م)، بعض الفنانين أخر انتاجة الذي قدمه عبر الاسطوانة البلاستيكية ليظهر في الكاسيت الذي اعتبروه فكرا جديدا في التكنلوجيا رغم ان تداول جهاز (التسجيل) كان بطيئا، نظرا لسعره العالي والمدخول القليل، بعض الفنانين اراد ان يكون في الكاسيت، ولكن فهد بن سعيد تواجد في كل الاماكن (رحمه الله)، في الاحساء سجل أول البوم كاسيت له كان مع خالد الحبيصي الذي ظهر ايضا في تسجيلات الكاسيت في السعودية وكان قبلة والده الذي ينتج الاسطوانات قبل ذلك العام (1971م) سجل ابن سعيد (شريطين) ولمدة يومين متتالية في منزل الحبيصي مع عازف الكمان (مصطفى) وقدم حينها أغنية (ياناس مال الهوى دكتور و قال الجميحي والناس ناموا وانا اسهر وايضا يقول اللي شكى وكذلك يازين وقت قضيته) غيرها من الاغاني، وفي الالبوم الثاني كان معزوفة عوّد وصوت وتغنى بمجموعة منها (قلت هين و لا جزاء الله العواذل) وهي التي لحنها لحيدر فكري وشارك معه في سحب الكمان)، قبل ذلك سجل شريط متنوع الاغاني (أفية القريني) رحمه الله وأغنية (اعد ساعات الليالي والأيام) وغيرها وكانت معزوفة عوّد في العام (1970م).
فهد بن سعيد رحمه أثار العوّد ليحكي أروع القصص، ولأنه مارس العزف بكبرياء وعزة فقد رافقة الوتر السادس ليحكي معه تفاصيل تلك السنين والأغاني الكلاسيكية الرائعة، حتى انه اول من عزف على الوتر السادس في العام (1970م) بل عمل تولِيفة جديدة على العّود في نههاية السبعينات الميلادية، حيث جعل الوتر الثالث (فا) بدلا من (ري) والرابع (دو) بدلا من (اللا)، الرائع المحب للاغنية رغم اعتزاله الفن قبل وفاته بسنوات الا ان اعماله مازالت سنداً مهما للساحة الفنية السعودية، وتحضى بمتابعة مهمه في الانغام الكلاسيكية، فهد بن سعيد من المدرسة الاولى في الفن الغنائي بنجد مع ابو سعود الحمادي وعبدالله السلوم وغيرهم.

فهد بن سعيد واجمل الابيات

تعليق واحد على “قصة حياة الفنان فه بن سعيد كامله (وحيد الجزيرة)”

  1. واحد من عشاق الفنان وحــيــد الــجــزيــره أضاف بتاريخ

    فهد بن سعيد انا جالس معا كانه عمري 20 سنة 1990 في الكويت في منطقه لا اذكر اسمه وفهد كان في جسلة شباب ولا يرد يستمتع بالوقت ولا يريد ان يقعد بالمكان هذا انا وشباب في منطقه بالكويت لا اذكر اسمه